languageFrançais

في انتظار البديل: التقاعد الوجوبي كلّف المالية العمومية 42 مليون دينار

عقدت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح جلسة الجمعة 3 جويلية 2020 خصصتها للاستماع إلى ممثلين عن وزارة الشؤون الاجتماعية حول مقترح القانون عدد 42/2020 المتعلق بتنقيح القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي.

وفي مستهل الجلسة، ذكّر المدير العام للضمان الاجتماعي بالإطار القانوني للإحالة على التقاعد الوجوبي، مبيّنا أنه قد تمّ اعتماده صلب أحكام القانون المذكور إثر تنقيحه بمقتضى القانون عدد 71 لسنة 1988 المؤرخ في 27 جوان 1988.

أما من حيث نظامه القانوني ، فقد أبرز المدير العام للضمان الاجتماعي أنه يمكن للإدارة أن تحيل العون على التقاعد الوجوبي بعد قضائه 15 عاما على الأقل من الخدمات الفعلية المدنية والعسكرية دون اعتبار لشرط السن، مع تمكين المحالين على التقاعد الوجوبي من جراية التقاعد فوريا وتمتيعهم بمدة تنفيل لحين وصولهم الى سن التقاعد.

وأضاف أن هذه الآلية من آليات الإحالة على التقاعد تهم المدنيين والقوات الحاملة للسلاح على حد السواء.

وفي جرد للمشمولين بهذا الإجراء وآثار ذلك على الأعباء المالية للصندوق، بيّن المدير العام للضمان الاجتماعي أنه قد تمّت إحالة 612 عون على التقاعد الوجوبي منذ سنة 1985 حيث تمثل القوات الحاملة للسلاح العدد الأكبر بنسبة 91%، مشدّدا أنهم قد كلّفوا المالية العمومية ما يناهز 42 مليون دينار لحد سنة 2019. 

وبيّن المدير المركزي بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية من جهته، أنّ المتتبع للسياق التاريخي للإحالات على التقاعد الوجوبي يلاحظ أنها قد ارتبطت بأحداث سياسية معيّنة عرفتها البلاد في مختلف فتراتها.

وفي علاقة بآثار الإحالة على التقاعد الوجوبي، اعتبر أنها تحقّق منافع للعون على حساب الصناديق الاجتماعية حيث يتمتع المنخرط بمدة تنفيل عن كل السنوات السابقة لبلوغ سن التقاعد بحيث تكون الانعكاسات المالية لتلك الإجراءات مضرّة بميزانية الصناديق الاجتماعية.

واستغرب المتدخل في هذا الإطار تحمّل الصناديق الاجتماعية لأعباء مالية ناتجة عن قرار يتخذه المشغل داعيا إلى إلغاء الإحالة على التقاعد الوجوبي أو على الأقل إيجاد صيغ تجنب الصناديق الاجتماعية هذه الخسائر المالية.

وفي توجه مختلف، أبرزت مديرة الشؤون القانونية بوزارة الشؤون الاجتماعية، أنه يتعين الأخذ بعين الاعتبار لكل الوضعيات التي تلجؤ فيها الإدارة للإحالة على التقاعد الوجوبي معتبرة أن ذلك يرجع في حالات عديدة لرغبتها في حفظ كرامة الموظف الذي لا تخول له الإمكانات القانونية المتاحة الخروج على التقاعد بطلب منه.

وفي تفاعلاتهم مع ملاحظات وتوضيحات ممثلي وزارة الشؤون الاجتماعية، اعتبر أحد النواب أن منظومة الإحالة على التقاعد الوجوبي تنطوي على عدة مفارقات حيث بالآليات الموجودة حاليا فإن الدولة تبدو وكأنها تمكن الموظف من امتياز التقاعد المبكر في ظل وضعية توحي بكونها عقوبة من الإدارة، متسائلا عن وجود آليات أخرى تعوض الإحالة على التقاعد الوجوبي. 

فيما اعتبر رأي آخر أن إجراء الإحالة على التقاعد الوجوبي يكون إما بهدف التملص من المسؤولية والهروب من المحاسبة أو معاقبة العون، كما ذكر في هذا الصدد بامتناع الإدارة في كثير من الأحيان عن تنفيذ أحكام القضاء الإداري ورفضها إرجاع العون الذي حكم القضاء لفائدته لإرجاعه إلى سالف عمله متعللة بكونها قد قامت بتنزيل مجمل مساهماته بصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية.

وفي تعقيبهم على تساؤلات واقتراحات أعضاء اللجنة، اعتبر ممثلو وزارة الشؤون الاجتماعية أنه يتعيّن العمل على إيجاد آلية أخرى توازي التقاعد الوجوبي تأخذ في الاعتبار كل الوضعيات المحتملة.

وقد قرّرت اللجنة مواصلة النظر في مقترح القانون المعروض خلال الأسبوع المقبل.